"من شابه اباه". اطفال يتخلون عن اللعب لجلب الرزق
قرروا الخروج للعمل فى سن مبكرة؛ لمساعدة أسرهم فى ظروف المعيشة، طارحين رغبات وتطلعات الطفولة جانباً، فلا وقت لديهم للعب والتنزه، ولا متعة لديهم تضاهى الرزق الحلال، من مهن مختلفة ورثوها عن آبائهم.
محمد عبدالرحيم لم يكمل عامه الرابع عشر، وعلى الرغم من نعومة أظافره، بدت يداه لها ملمس قاسٍ، بسبب الإرهاق الكبير الذى يتعرض له أثناء حمله وبيعه الخردة، تحت أشعة الشمس الحارة صيفاً، وفى أوقات تساقط الأمطار شتاء. يدرس «محمد» فى الصف الثالث الإعدادى، وله سبعة أشقاء، يعيشون جميعاً فى ظروف صعبة، ما دفعه للعمل فى مجال جمع الخردة منذ أن كان فى السادسة من عمره، حيث كان يجمع الخردة من الشوارع، ويبيعها للتجار، لافتاً إلى أنه يعمل فى جمع الخردة خلال فترة الإجازة الصيفية فقط، حتى يتسنى له الذهاب إلى المدرسة.
أضاف «محمد»: «الآن أقوم مع والدى بشراء الخردة من النباشين، وأنا مسئول عن فرز الخردة وفصل ما نحتاجه، مثل العلب المعدنية وعبوات سوائل التنظيف والبلاستيك والحديد وغيرها، حتى يمكن بيعها للتجار الكبار».
يتعرض «محمد» للعديد من الصعوبات خلال عمله فى الخردة، خاصة أنه طفل وجسده لا يقوى على حمل الأوزان الثقيلة، مؤكداً أن العمل فى هذا القطاع شاق للغاية، فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، فيخرج من بيته فى الصباح الباكر، ويفتح المحل ويرتبه، ثم يبدأ فى شراء الخردة من النباشين، وفصل أنواع الخردة عن بعضها، تمهيداً لبيعها للتجار، لافتاً إلى أنه منذ بداية عمله بمجال جمع الخردة وهو يتمنى أن يكون تاجراً كبيراً، متخذاً من تجربة «عبدالغفور البرعى» فى المسلسل الشهير نموذجاً، مؤكداً أن الفارق بينه وبين شخصية «عبدالغفور البرعى» أنه سيكمل تعليمه، حتى يحصل على الشهادة، ويكون تاجراً متعلماً.
بابتسامة صافية تدل على نقاء القلب تستقبل ملك عمرو، 13 سنة، زبائن الفول، تحاول التخفيف من مشقة العمل عن والدها، ولو ببعض الأعمال البسيطة، التجربة التى بدأتها منذ 3 سنوات وتتخذها مهنة أساسية حتى الآن.
لم تشعر «ملك» بالخوف من مشقة العمل، لحبها الشديد الوقوف مع والدها، تؤنس وحدته وتخفف عنه مشقة العمل عن طريق القيام بأعمال البيع وغسل الأطباق، حتى اعتاد والدها وجودها معه، حسب ما ذكرت لـ«الوطن».
تدرس «ملك» بالصف الأول الإعدادى، وورثت المهنة أباً عن جد: «جدى كان شغال فى نفس الشغلانة وورثها لأبويا، ودلوقتى أخويا الكبير بيشتغل مع جدى وأنا مع أبويا علشان نساعدهم على قد ما نقدر، لما والدى بيتعب بنزل أنا مكانه لوحدى، ومش ببقى متضايقة، بالعكس بحس إنى مبسوطة».
يمسك الأب عمرو عطية عباس، 37 عاماً، طرف الحديث، قائلاً: «عندى 4 أولاد أكبرهم بنت 18 سنة، وأصغرهم ابنى 11 سنة، بقالى 20 سنة بشتغل فى الفول».
استطاع الأب، الذى يعمل على عربة الفول فى منطقة أوسيم، حماية ابنته من أى مضايقات يمكن أن تتعرض لها، فحب الآخرين له ساعده على ذلك: «كل الناس اللى فى الشارع عارفانى وبيحبونى علشان كده حتى لو أنا مش موجود ببقى متأكد إن بنتى فى أمان».
حرص الأب «عمرو»، الذى يعمل 13 ساعة يومياً، على استمرار أبنائه فى التعليم رغم صعوبة الأحوال المادية أحياناً، ولم يقصّر معهم فى التعليم، محاولاً تحقيق أحلامه فى أبنائه الأربعة.