من هو محمد راسم من الجزائر ولماذا تحتفل به جوجل اليوم
يحتفل محرك البحث جوجل اليوم الخميس بالذكرى الـ 125 لميلاد الفنان الجزائري محمد راسم، الذي يعد أحد أوائل الرسامين الجزائريين، المولود في 1896 لعائلة من الحرفيين، من أصول تركية، عاش أعضاؤها وعملوا في حي القصبة في الجزائر العاصمة.
وكان والد راسم يعمل في الحفر على الخشب وطرق النحاس، في حين مارس عمه النقش على أحجار شواهد القبور. أما شقيقه الأكبر عمر راسم، فكان خطاطاً كرّس جزءاً كبيراً من حياته للدين والسياسة، وعمل في وقت لاحق في تعليم فن زخرفة المخطوطات للطلبة الجزائريين، خلال الحقبة الإستعمارية.
من هو الجزائري محمد راسم ولماذا تحتفل جوجل به اليوم
وحسب موسوعة متحف للفن الحديث والعالم العربي: تربى محمد راسم على الالتحاق بأعمال عائلته. أكمل عام 1910 تعليمه في مدرسة تابعة للاستعمار الفرنسي خاصة بالتعليم المهني، ثم عمل رساماً في مكتب الرسم التابع لمديرية الفنون الأهلية الذي كان يشرف عليه بروسبر ريكارد، مفتش التعليم الفني والمهني في الجزائر حينذاك، والذي لاحظ أعمال راسم الفريدة. وكما أوضح الفنان نفسه: "منذ الرابعة عشر من عمري، قضيت جزءاً من أيامي في الاستنساخ وتصميم نقوش السجاد، والمطرزات العربية، والزخارف على النحاس، والمنحوتات الخشبية، من أجل تزويد مدارس وورش الجزائر بالنماذج (ورد في كتاب بنجامين)".
وكان في مكتب الرسم هذا أن اكتشف محمد راسم المنمنمات الفارسية التي شكلت قاعدة إنتاجه طوال مسيرته الفنية. خلال محاولاته الأولى في الرسم، وفّر له عمه المشورة التقنية، في حين قدم له المستشرق الفرنسي نصرالدين دينيه، المتحوّل الى الإسلام (ولد إتيين دينيه، 1861- 1929)، التشجيع وكلفه بمهمته الأولى : خمسة عشر صحفة كاملة من الكتابات القرآنية المنقوشة بالألوان في كتاب حياة محمد، رسول الله وكان دينه قد ألفه بالإشتراك مع سليمان بن إبراهيم. استمر راسم بإنتاج هذه التزويقات التقليدية لغاية الأربعينات.
عرض محمد راسم أعماله في صالون جمعية الفنانين الجزائريين والمستشرقين في 1923، وحصل في نفس العام على منحة من بلدية الجزائر العاصمة وعلى وسام جمعية الرسامين المستشرقين الفرنسيين في باريس. أمضى بعد ذلك ثماني سنوات في باريس (1924- 1932) حيث أكمل تزيين صفحات كتاب ألف ليلة وليلة في إثني عشر مجلداً بتكليف من الناشر هنري بيازا.
من هو الجزائري محمد راسم ولماذا تحتفل جوجل به اليوم؟
و كان "راسم" أول جزائري يفوز بالجائزة الفنية الجزائرية الكبرى في العام 1933، كما عيّن مدرّساً في أكاديمية الفنون الجميلة في العاصمة الجزائرية، حيث أسس مدرسة المنمنمات. توقف عن رسم المنمنمات في 1955 بسبب مشاكل في الرؤية. بعد حصول الجزائر على استقلالها في العام 1962، جرى تعيينه مستشاراً لوزير الثقافة. عرضت أعماله في كافة أنحاء العالم ، في باريس والقاهرة وروما وبوخارست وستوكهولم وكوبنهاغن وتونس والجزائر، والقسم الأكبر من مجموعة الفنان الشخصية محفوظ الآن في متحف الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة.
مزج راسم في لوحاته طريقة الرسم التقليدية للمنمنمات الفارسية والمغولية وتقنياتها، التي لم تكن تمارس إلاّ نادراً في بلاد المغرب، مع المنظور الغربي، وعبّرت لوحاته عن جزائر ما قبل الاستعمار. شملت المواضيع في الغالب أحداثاً تاريخية واحتفالات دينية ولحظات من الحياة اليومية التي كانت سائدة في فترة ما قبل إحتلال الجزائر من قبل فرنسا في 1830.
تميز أسلوب راسم بهذا الدمج بين رسم المنمنمات التقليدي وبين طرق النظر الغربية، وباستخدامه الحيوي للألوان، وتفضيله للأسلوب الفارسي في تصميم الصفحات.
كان محمد راسم متمرساً في مختلف أنماط المنمنات ومتضلعاً في تاريخها، فكان غالباً ما يضع عناوين للوحاته مثل نمط فارسي أو نمط مصري تبعاً للأسلوب الذي استخدمه. وفي الفترة الأخيرة من مسيرته الفنية قال في وصفه لأعماله أنه أراد ترسيخ ذاكرة الثقافة العربية التي كان الاستعمار الفرنسي يُحرفها بشكل متسارع. اعتبر مؤرخ الفنون روجر بنجامين أن راسم كان يستخدم عمداً المنظور غير المثالي والمحوّر نسبياً من أجل تأكيد هويته المغاربية ومن أجل إعلاء تقليد المنمنمات على النماذج الأوروبية. وتشهد لوحاته، في الوقت ذاته، كما يلاحظ روجر بنجامين، على فهمه الدقيق للإيماءات والأزياء المحلية وتُعيد كتابة طرق الرسم الإستشراقية المخزية.
محمد راسم هو الفنان النادر توفي في 1975، بعد أن احتضنه المستعمرون الفرنسيون كما احتضنه الوطنيون الجزائريون، وكذلك معهد العالم العربي الذي نظم لأعمال الفنان، بعد وفاته، معرضاً استعادياً في 1992.