خطة لتحديث رؤية مصر 2030 ، أسباب الحاجة لمواجهة المزيد من التحديات
أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية الملخص التنفيذي للتقرير الوطني الوعي الثالث لمصر، الذي قدمته الدكتورة هالة السعيد، ممثلة عن جمهورية مصر العربية بالمنتدى السياسي رفيع المستوى للأمم المتحدة، المعني بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، الذي انعقد افتراضيًا بنيويورك، خلال الفترة من 6 - 15 يوليو الجاري.
وأكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن التقرير الوطني الطوعي الثالث لمصر جاء في إطار استراتيجيتها الشاملة للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، التي أطلقت عام 2016 من خلال نهج تشاركي، بأبعادها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
وأشارت الوزيرة إلى أن تحديث رؤية مصر 2030 يرجع إلى الحاجة لمواجهة عدد من التحديات، التي تتضمن ندرة المياه والزيادة السكانية، والتطورات الجغرافية والسياسية العالمية والإقليمية، بالإضافة إلى استيعاب تداعيات فيروس «كوفيد - 19»، لافتة إلى أن عملية التحديث تمت في إطار تشاركي مع كل شركاء التنمية، بما يتسق مع أجندة أفريقيا 2063، وأهداف التنمية المستدامة الأممية.
وقدمت مصر تقريرها لهذا العام ضمن 43 دولة، وتعد واحدة من بين 10 دول فقط تقدم تقرير وطني للمرة الثالثة.
ويناقش التقرير الإطار الحاكم وبيئة السياسات الداعمة للعملية التنموية في مصر، كما يستعرض التقدم المحرز في كل هدف من أهداف التنمية المستدامة الأممية الـ17، مع التركيز على تتبع الأداء مقارنةً بالتقرير السابق لمصر عام 2018.
ويمثل التقرير الوطني الطوعي آلية لتطوير وتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتضمن التحديات التي مثلت عائقًا نحو تنفيذ الأهداف الأممية، ووضع نظرة مستقبلية حول أولويات الدولة خلال المرحلة المقبلة لمواجهة تلك التحديات والمضي قدمًا نحو تحقيق التنمية المستدامة.
واتبعت عملية تطوير التقرير نهجًا تشاركيًا متكاملًا؛ إذ عقدت العديد من ورش العمل والاجتماعات مع أصحاب المصلحة من الوزارات والجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين، عرضوا فيها الآراء والمقترحات، وساهموا بإرسال تفاصيل عن مشروعاتهم ومبادراتهم التي تخدم تحقيق الأهداف الـ17، وإمداد فريق العمل بالبيانات والمعلومات؛ لاستخدامها في التقرير، لكي يعكس صورة واقعية وشاملة عن الجهود والتحديات المتعلقة بكل هدف أممي.
ويبدأ التقرير باستعراض الأطر الحاكمة التي تعمل مصر من خلالها على تحقيق التنمية المستدامة، وهي رؤية مصر 2030، التي تُعَد النسخة الوطنية من أجندة التنمية المستدامة الأممية.
ومرت الرؤية بعملية تحديث شاملة لتعكس التطورات المحلية والإقليمية والدولية المتعددة التي ظهرت منذ إطلاقها للمرة الأولى في 2016، وتتسم النسخة المحدثة لرؤية مصر 2030 بالاتساق الكبير مع كل من الأهداف الأممية وطموحات أجندة أفريقيا 2063.
وفي إطار التكامل بين أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة، أضيفت بعض المبادئ الحاكمة والممكنات لضمان التكامل؛ بهدف تسهيل عملية تفعيل وتنفيذ أهداف الرؤية.
كما تتضمن الأطر الحاكمة برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بمرحلتيه؛ إذ أسفرت المرحلة الأولى «2016 - 2019» عن تحسن في العديد من مؤشرات الاقتصاد الكلي، أبرزها معدلات النمو السريع، والتحكم في التضخم، وخفض عجز الموازنة، مع الاهتمام بالحماية الاجتماعية.
ومن ثم أطلقت المرحلة الثانية في عام 2021 «الإصلاحات الهيكلية»، التي تركز على تحسين التنافسية ومناخ الأعمال في مصر، ودعم القطاعات الإنتاجية، لضمان استدامة النتائج الإيجابية التي حققت خلال المرحلة الأولى.
وتأتي ضمن الأطر الحاكمة توطين أهداف التنمية المستدامة، ويقصد بها نقل عملية تنفيذ هذه الأهداف من المستوى المركزي إلى الآخر المحلي في كل محافظات الجمهورية، والاستفادة من الميزة التنافسية لكل محافظة؛ لضمان تحقيق العدالة الجغرافية للعملية التنموية، وعدم ترك أحد خلف الركب.
وفي هذا الصدد، أطلقت خطة المواطن على مستوى المحافظات، كما أعدت تقاريرا محلية عن حالة التنمية المستدامة والفجوات التنموية الخاصة بكل محافظة، من خلال قياس وتحديث قيم 32 مؤشرا لـ11 هدف من أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى تطوير صيغة تمويلية من خلال اتباع مجموعة من المعايير لتخصيص الموارد للمحافظات بطريقة عادلة وموضوعية لتحسين كفاءة إدارة الاستثمارات العامة.
وتشمل الأطر الحاكمة التي تعمل مصر من خلالها على تحقيق التنمية المستدامة، السياسات القائمة على الأدلة؛ إذ تؤمن الدولة المصرية بأن نجاح السياسات ينبع من قدرتها على التصدي للمشكلات، ومواجهة التحديات، ولضمان فعالية السياسات فمن الضروري الاستناد إلى الأدلة والبيانات والتحليل الكمي.
كما تساهم السياسات القائمة على الأدلة في توجيه عملية صنع السياسات، ومن الأمثلة البارزة في هذا الإطار التعاون مع عدد من المنظمات الدولية ومراكز الفكر لدراسة تأثيرات جائحة «كوفيد-19» على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر.
وينتقل التقرير الطوعي بعد ذلك لعرض مختلف التطورات في كل هدف من الأهداف الـ17 الأممية، وتشمل تقييم التقدم المحرز في كل هدف بشكل موضوعي، بناءً على أحدث البيانات المتاحة، خاصةً تلك المرتبطة بالمؤشرات المتفق عليها من قِبَل الأمم المتحدة لقياس التقدم نحو الأهداف، وعرض مجهودات الدولة المختلفة تجاه تحقيق كل هدف.
وتتضمن الاستراتيجيات القطاعية والبرامج والمبادرات والتدخلات بمختلف أنواعها مع محاولة تقييم أثرها، وذلك أيضا بالتركيز على التطورات منذ عام 2018.
وفي بعض الأهداف تستعرض أبرز التحديات التي تسعى الدولة لفهم جذورها ومواجهتها بشكل فعال.
وتشمل التطورات في الأهداف الأممية إبداء أمثلة للشراكات المتعلقة بكل هدف مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية وشركاء التنمية الآخرين، لتوضيح أن العمل التنموي في مصر ليس حكراً على الدولة؛ إذ تشارك المؤسسات الأخرى بشكل فعال بمبادرات أو مشاريع أو برامج تساهم في التقدم نحو كل من الأهداف الـ17، بالإضافة إلى وضع وباء «كوفيد-19» في الاعتبار، من خلال عرض السياسات التي اتخذتها مصر لمواجهة التداعيات السلبية للجائحة في كل هدف من الأهداف.
وكذلك قياس أثر الجائحة المباشر على مختلف المؤشرات، واستنتاج توقعات حول وضع مجموعة مختارة من المؤشرات لكل هدف أممي بحلول عام 2030.
كما يستعرض التقرير الطوعي التحديات البارزة على المستوى الوطني، التي تتضمن تتبع الإجراءات التي اتخذت لمواجهة التحديات التي تمت الإشارة إليها في التقرير السابق عام 2018 وهي: البيانات، والتمويل، والحوكمة، والزيادة السكانية.
ويتضمن التقرير أيضا التحديات التي ظهرت بشكل جلي خلال السنوات الأخيرة، التي تستوجب تكثيفا للمجهودات لمواجهتها بشكل عاجل، وهي عدم المساواة الرقمية «Digital Divide»، خاصة بين الحضر والريف، وهو تحدٍ تفاقمت تداعياته السلبية بسبب تفشي وباء «كوفيد-19»، وضعف مشاركة المرأة في سوق العمل، ما يتسبب في إهدار العديد من الفرص الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى تحديات بيئية متعددة الأوجه تتسبب في تفاقم خطر تهديد الأمن المائي والغذائي لمصر.
ويُختتم التقرير بإعادة التأكيد على التزام مصر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أقل مدى زمني ممكن، وذلك بالاستعانة بعدد من المسرعات، وتشمل التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، والشراكات الفعالة المحلية والإقليمية والدولية.