رحله الطربوش عبر 200 عام. "عبدالباسط": مصر لن تودعه طالما الازهر موجودا
«الطربوش» والورشة الصغيرة وناصر عبد الباسط، آخر ما تبقى من زمن «الطرابيش» في القاهرة الخديوية، إذ يُصنعها الرجل الستيني في أقدم ورش شارع الغورية، لطلاب العلم وعلماء الأزهر ومُقرئي القرآن الكريم، والتي تمثل علامة مميزة لزيهم وهويتهم الثقافية والعقائدية.
يعمل «عبد الباسط» منذ أن كان صبيًا في صناعة الطرابيش، القبعة التي كانت تعتلي رؤوس النخبة والسياسيين والبيروقراطيين والطلاب في مصر الملكية، فتقع ورشته في شارع الغورية، التي تعد واحدة من ورش العمل القليلة المتبقية التي تعمل في هذا المجال.
يقول صانع الطرابيش في حديثه لـ«الوطن»: «لقد تعلمت الحرفة من أحد المتدربين، ورثتها وأقوم الآن بتمريرها وتعليمها. الحرفة لن تختفي، ما دام الأزهر موجودًا، سنعمل، وأقوم حاليًا بالعمل على توريثها إلى أبنائي».
ازدهرت الصناعة خلال حكم محمد علي باشا، ضابط الجيش العثماني الذي تولى حكم مصر عام 1805، وكان ارتداء الطربوش إلزاميًا تقريبًا لكبار المسؤولين والموظفين العموميين والطلاب في البلاد، إذ كان يعتبر علامة على مكانة مرتديها والدرجة التعليمية والوظيفية.
إلغاء ارتداء الطربوش بعد ثورة يوليو
وبعد ثورة يوليو 1952، ألغى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ارتداء الطرابيش؛ لأنها كانت تعتبر أحد رموز النخبة الحاكمة السابقة، لكن لا يزال يرتدي الطربوش في مصر 2021 كل من الطلاب والعلماء في جامعة الأزهر، بالإضافة إلى رجال دين مسلمين آخرين هم الآن عملاء «عبد الباسط»، حيث يمثلون جزءًا مهمًا من زيهم وتاريخهم.
قضى «عبد الباسط» 45 عامًا في الصنعة، كان الطربوش فيها سلعة رائجة خاصة قبل أن تتسع العلوم المعرفية وتستحوذ الجامعات العامة على نصيب وافر من التعليم الديني والأزهر كوجهة، ويأمل أن تظل هذه الصنعة موجودة، لأنها جزء - كما يقول - من تاريخ مصر المعاصر.